رجال من قبيلتي

الشيخ : محمد محسن عبدالله ابداح ( أبو عرفات )

بقلم : يوسف ابداح 

وُلد ابن العم أبو عرفات عام ١٩٣٠م في قرية
المنسي الواقعة على خط طول ٣٥ شرقاً، وتبعد
حوالي ٣٩كم إلى الجنوب الشرقي من
مدينة حيفا .
كانت القرية الوادعة التي يجمع الحب
والطهر ربوعها وسكانها ، والتي تحتضنها
قرى الغبيّات والكفرين ، ويجاورها نهر المقطّع شمالاً ،تُطلّ بشموخ على سهل مرج ابن عامر
الخصيب …
وُلد فقيد العشيرة والقبيلة ، في ظروف صعبة
يعانيها الوطن ، فالانتداب البريطاني يدّعي
إدارة شؤون البلاد ، بينما يقوم بتسليح
العصابات الصهيونية ، ويسهّل إجراءات
الهجرة اليهودية إليها ..، ويطارد رجال المقاومة
والأحرار في كل أرجاء فلسطين .
نشأ محباً لأرض وطنه ، عاشقاً ترابها ،
وعظيم الانتماء إليها ، فبادلها حباً بحب ،
ووفاء بوفاء …
درس في مدرسة قريته ، والتي كانت من
المدارس الأولى في المنطقة على مستوى
مدارس حيفا ..
نزح من قريته عام ١٩٤٨م ، غادرها بجسمه
وظلّ قلبه العاشق لها ، هائماً ومحباً لها ،
عيناه لا تفارقان النظر إليها ، أملاً
في النصر والعودة …
عرفته شاباً يافعاً …
كان في العشرينات من عمره ، ولكنه يحمل
فكر الكبار والشيوخ …
بعيد النظر .. متوقّد العزيمة ،
يملك روحاً وطنية عالية ، متديناً ومحباً للإصلاح،
فنال حب الجميع واحترامهم …

لقد ربطتني به – رحمه الله -علاقة قوية من الودّ
والاحترام المتبادل ، إضافة إلى صلة القربى
التي تربطني به ، وكنت عظيم الفخر
والاعتزاز بذلك .

وتعود بي الذاكرة إلى عام ١٩٥٢م ،
يوم كانت مضاربنا في غور المالح
التابع لقرية طوباس …
كان العم المرحوم الشيخ :
عبدالرحمن عبدالهادي ابداح
يملك فرساً أصيلة تُدعى ( الجِلفة )
وباعُها طويل في تحقيق الفوز بالمسابقات
على مستوى المنطقة بقيادة الخيّال الفارس .
العم : أسعد الحاج خضر ابداح
– رحمه الله –
ومعها فرس أخرى تُدعى ( الصقلاوية )
للعم المرحوم : الحاج عبد أبو ساري …
أقول ….
في ذلك العام ، كنا ننزل المكان ..
ومعنا نخبة من الأقارب والعشيرة …

أذكر منهم :
العم : محسن عبدالله ابداح وأولاده
العم : الحاج خضر عبدالله ابداح وأولاده
العم : عقاب مثقال ابداح وأولاده
الخال : محمد مقداد ابداح وإخوانه
العم : الحاج عبد أبو ساري وأولاده
العم : أبو غازي الفرحات
وبعض الأقارب من آل أبو ارميلة …

في ليلة بردها قارص ، والثلج يغطي
الأماكن كلها …
سهولها وجبالها ،
غورها ونجدها …
حتى سُمي ذلك العام وما زال
بسنة الثلجة لشموله البلاد كلها …
كانت فرس العم الشيخ عبدالرحمن
( الجِلفة ) في الجهة الشرقية من البيت ،
وكانت تنتظر مهرها الجديد بعد أيام …
استيقظنا فجر ذات يوم ، فلم نجد الفرس
في مربطها …

ضربنا الأخماس بالأسداس …
فمنهم من قال أنها وقعت بيد لصوص …
ومنهم من قال بأنها قطعت الحبل للمعاناة
من ألم الولادة …
تباينت الآراء ، وتعددت الأقوال …
تدخل شاب وسيم يمتليء نشاطاً وحيوية
( محمد محسن ابداح )
وقال :
هذا أثر حوافرها على الثلج الأبيض …
سأتابعه ..
انصرف عنا حتى غاب عن الأنظار ، ولكن
قلوب الجميع ظلت مشدودة إليه تنتظر
الخبر السار ..
قاده الأثر إلى قرية ( سيريس )
استقبله أهلها الطيبون ، وعرفوا غايته …
سار الجميع إلى بيت رجل استضاف الفرس ومهرها الذي وضعته ..
وقد وضع لها العلف والشعير .
عاد بها الشاب ( أبو عرفات )
إلى مضارب العشيرة …
فاستقبله الجميع بالزغاريد وإطلاق الرصاص !
رحم الله ابن العم أبو عرفات …
فقد أدخل الفرح إلى قلوبنا جميعاً ..
ورحم الله كل من ذكرتهم في مقالي …
وأطال بالصالحات أعمار الأحياء منهم …
وسُقيا لأيام عشيرتي وقبيلتي التي
كانت متوجة بالحب والنخوة والشهامة ..!