حكايات  سعد .

بقلم : يوسف  ابداح .

حدّثني سعد قال :

قالت مُحدّثتي :

للّه درّك !

أيعشقُ ابن السبعين وقد بلغ من العمر عِتيّاً  ؟

قلت : أيُحاسَب إنْ تجاوز الحدود فلجّ  وأخطأ ؟

قالت :  وهل في ذلك شك  ؟

وكأنها تُقرّ العِقاب وتشجّع عليه  .

قلت  : أيُحاسَبُ  إنْ تعامل مع الإرهاب أو زاوله  ؟

قالت :  معاذ الله  ! بل يجب وأد الفتنة وباعِثِها   .

قلت  : فعلام الكيل بمكيالين إذن  ؟

ومتى كانت المساواة بين الحبّ والإرهاب عدلاً  ؟

إنني لا أراكِ من قوم شعيب فتطفّفين الكيل والميزان  .

(   الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون , وإذا كالوهم أو وزَنوهم يُخسرون   )

إنّ المنطق والحكمة لا يريان الذئب والشاة صديقين   ,

ولا الغراب والبلبل مُغرّديْن   !

قالت بضجر  :

آهٍ منكم معشر الرجال  !

إنكم تتحدّثون بأسلوب الفلسفة  وعلم الاجتماع كثيراً … !

قلت  : وهل يضيرك ذلك  ؟

إنّ علميْ الفلسفة  والاجتماع نفضا الغبار عن العقول, ومهّدا الطريق لفهم العلاقات الإنسانية ,

ومعارج الحياة  في أدقّ تفاصيلها  .

قالت :  أجئت اليوم تقول نجواك أم تبثّ شكواك  ؟

قلت  : لم أكن أعني هذه ,  ولا أقصد تلك ..

فإن الشكوى لغير الله ضعف  , وطلب العون من غيره ذلٌّ وهوان  ..

وعزيز النفس قليلة شكواه وإن ادلهمّتْ خطوبه ,  وعَظُمتْ بلواه .

لا تسقني كأسَ الحياة بذلّة            بل فاسقني بالعزّ كأس الحنظلِ

قالت :  إنك تبالغ في طلب العزّة  مبالغتك في الحبّ والعشق .

قلت :  ألم تقرئي قوله تعالى :

(  ولله العزّةُ ولرسوله وللمؤمنين ولكنّ المنافقين لا يعلمون  )

لقد اقترنتْ عزّة المؤمنين  بعزّة الله ورسوله , أليس هذا تكريم من الله للمؤمنين  ؟

قالت :  فعلام يعطون اليوم الدنيّة إذن  ؟

قلت : حاشا لله أنْ يرضَوْا بها ,  إنها زوبعةٌ في فنجان لن تتجاوزه .

قالت :  مسكين هذا الفنجان   , كم من الزوابع سيتّسع  !

قلت :  لقد علّمنا التاريخ , أن المِحَن والشدائد لا تدوم طويلاً , إنها تذوب وتتلاشى أمام هِمم

الرجال وعزائمهم   .

على قدْر أهل العزم تأتي العزائمُ             وتأتي على قدر الكِرامِ المكارمُ

قالت :  ألديك متّسع من الوقت  للحبّ والعشق , وترجمة الهِممِ والعزائم   ؟

قلت  :

لا تحسبنّي مُحباً يشتكي وَصَباً              أهوِنْ بما في سبيل الحبّ ألقاهُ

إني تذكرْت  والذكرى مؤرّقةٌ              مجداً تليداً بأيدينا أضعناهُ

أنّى اتجهتَ إلى الإسلام في بلدٍ             تجدهُ كالطير مقصوصاً جناحاهُ

قالت :  دام عشقُك  !

قلت :  شكراً لك  .

إنّ من لا يدافع عن وطنه , ويخدم أمته ,  ويحمل في قليه عشقاً كعشقي لوطني , فإنه

لا يستحقّ العيش فيه , أو الانتماءَ إليه …